الثلاثاء، 14 أبريل 2020

كتاب علم نفس الالحاد



علم نفس الألحاد ، كتاب الالحاد مشكلة نفسية تأليف عمرو شريف دار النشر نيوبوك للنشر والتوزيع ٤٤٧ صفحة
يبدأ المؤلف كتابة القيم بجولة مع «الإلحاد المعاصر»، الذي بدأ منذ خمسمائة عام بالصراع
بين الكنيسة الكاثوليكية والدولة. ثم يبحر بعمق مع العلم والإيمان»، وتبنى المؤلف أن تبني د.
عمرو شريف أن العلم والإيمان يتفقان في نظرية التطور البيولوجي حيث يؤصل لمفهوم التطور
الموجه، وهو توجيه الله لك التطور جسد الإنسان ثم تمييزه بالملكات العقلية واستعمال اللغة.

بعد ذلك يأخذنا المؤلف إلى الباب الذي يعتبر جوهر الكتاب، ويثبت من خلاله الرأي بأن
الإلحاد مشكلة نفسية»، ويتبنى أن يجب تأسيس ما يسمى ب (علم نفس الإلحاد»، قياسا
الحديث السائد الآن في أوساط علم النفس عن علم نفس الإرهاب.

ويتطرق الدكتور عمرو شريف في الباب الأخير من الكتاب إلى الحديث عن «حرية الا
الإنسانية»، وهل الإنسان مخير أم مجبر، وهل هو منزوع الحرية وأن القدر حتمی، و من ثم ينت
الأمر بموت الإنسان كما يعتقد الماديون، أم لدى الإنسان الإرادة في إدارة شئون حياته وعا
بعدها في الآخرة. وأرى أن هذا الباب شديد الأهمية كجزء مكمل للكتاب، حتى يفوت عا
الملاحدة فرصة الاحتجاج بالحتمية والجبر لإسقاط المسئولية عن أنفسهم في تبنيهم للالحاد

لقد نجح د. عمرو شريف في أن يجعل كتابه «موسوعة علمية وفلسفية شاملة» بمراج
موثقة، عن الخلفيات النفسية والشخصية والاجتماعية لمشكلة الإلحاد، وعن أهمية وضع هذه
الخلفيات في الاعتبار عند التصدي لعلاج المشكلة بالمناقشة العقلانية، حتى مع هؤلاء الذين
يدعون أن العقل والعلم يقفان وراء إلحادهم.


أرى في هذا الكتاب إضافة علمية قيمة لمشكلة الكثيرين، سواء مع الإيمان أو الإلحاد.
وأنصح بدراسته كل من يريد الاستفادة من مجادلة التأرجح بين الشك واليقين وأيضا بين الإيمان
والإلحاد، فعلينا تحمل قدرا من هذا التأرجح من أجل الوصول للإيمان الصحيح، وأيضا من
أجل تحقيق الصحة النفسية.

ظاهرة الإلحاد من الظواهر المعقدة التي تتداخل فيها العوامل الفكرية والنفسية والاجتماعية.
وفيما يتعلق بالجانب النفسي لهذه الظاهرة نجدنا أمام سؤال يطرح نفسه بقوة الآن؛ هل الإلحاد
يعد اضطرابا نفسيا؟ الإجابة المختصرة أن الإلحاد لم يدرج ضمن قائمة الاضطرابات النفسية
المرضية. فعلى الرغم من أن علم النفس كان يناقش الأديان لكنه لم يتعرض يوما لدراسة نفسية
الملحد؛ لأن الكثيرين من علماء النفس كانوا ملحدين. ومن أهم من تعترض لعلم نفس الأديان
كانا ولیم جیمز و فروید، لقد كان ولیم جیمز في صف الأديان أما فرويد فكان ملحدا، وكان يعتبر
الدين إشباعا لرغبة في الشعور بالأمن ضد قوى الطبيعة، وأحيانا أخرى إشباعا لرغبة قديمة قدم
التاريخ في أب رحيم، ومن ثم يعتبر فرويد الدين مفرا حضاريا ذا بعد نفسی.

وبالرغم من ذلك، هناك العديد من الدراسات والإحصائيات التي أكدت وجود خلفية
نفسية تربوية للإلحاد، ويأتي على رأس هذا التيار عالم النفس الشهير البروفيسور بول فيتز،
الذي نشر ورقة بحثية بعنوان «علم نفس الشواذ» قال فيها؛ إن كثيرا من علماء النفس يتبنون
موقفا معارضا للدين، ولذلك كانوا يعارضون أية محاولة لتسليط الضوء حول سيكولوجية
الإلحاد. وقد سلط کتاب د. عمرو الضوء على هذا الموضوع ووضعه في بؤرة الاهتهام.

هناك أنواع كثيرة من الإلحاد، ولكل نوع شكله الخاص وعوامله المختلفة. فمثلا
الإلحاد المطلق، وهو إنكار الألوهية وما يتفرع عنها من رسل ورسالات، وهناك ما ه
مثا الإلحاد الجزئي» من خلال الاعتراف بوجود إله خالق مع إنكار تصرفه وسيطرته
شئون البشر، وهناك أنواع أخرى مثل اللاقدرية»، و«العدمية» وهي اليأس من عدالة الأن
والسراء والشعور باللاجدوى، وكذلك «الإلحاد العابر» في مرحلة من مراحل العمر وخاصة
المراهقة والشباب، و«الإلحاد الباحث عن اليقين»، وهناك «الإلحاد الانتقامی» الموجه ضد را
أو رموز أو ممارسات دينية مكروهة أو مرفوضة، وأخيرا «الإلحاد التمردي» من خلال التمرد
على السلطة أيا كان نوعها.

لهذا، نجد أن الكثير من حالات الإلحاد لدى الشباب لا تجدي معها الحوارات الدينية ولا
تقديم الأدلة والحجج والبراهين؛ لأن الأصل في المشكلة ليس دينا أو عقليا، وهو ما يجعل
الملحد يكثر من الجدال؛ لأنه يبحث عن تحقيق انتصار على الرموز الدينية التي يكرهها وعلى
المجتمع الذي يرفضه وعلى السلطة التي يتمرد عليها. وقد يرفض الملحد أية أدلة على الألوهية؛
الأن إلحاده يحقق له ذيوع الصيت بين أقرانه.
أسباب الإلحاد وعوامل انتشاره

لعل من أهم العوامل والدوافع النفسية وراء الإلحاد الأب القاسي والضعيف وعدم
وجود الأب. وأيضا التشدد الدينی؛ حيث يكون الفرد شديد الخوف من الله، في الوقت الذي
يكون فيه متعطشا لارتكاب المحرمات، ولكي يعصي الله دون تأنيب ضمير، يقنع نفسه بان
ليس هناك إله وأن هذه خرافات. ومن دوافع الإلحاد النفسية أيضا الإحساس بالنقص، حيث
يكره الإنسان نفسه بسبب عيب ما في خلقته، فيكون إلحاده بمثابة اعتراض على خالقه. ومثل
ذلك الاضطهاد الذي تعانيه المرأة باسم الدين، فهو شرارة البداية التي جعلت كثيرات من
النساء يتركن الدين، ويتساءلن عن مدى صحته أو ملاءمته ویشگون في عدل الإله. وهناك
أيضا الغرور المعرفي والثقافي، الذي قد يقود الإنسان إلى الانحراف الفكري والإلحاد. وكذلك
سطوة الشهوات، حين لا تكون سببا مستقلا وحدها، ولكنها بمنزلة المحفز للجوء لخيار
الإلحاد، کی بهرب الإنسان من وخز الضمير.


وأحيانا تجد الإلحاد وقد أصبح لدى البعض مجرد موضة ومراهقة فكرية أو وسيلة للفت
أنظار الآخرين واستعراض العضلات !! وغالبا ما تجد هذا التوجه عند الأشخاص محبی
الظهور والبروز ولفت النظر.

وهناك عوامل أخرى تساعد على انتشار الظاهرة، منها ارتفاع نسبة الجهل، والتخلف
الاقتصادي والسياسي والتنموي، وأيضا اقتران القوة المادية بالإلحاد، كذلك يرى البعض في
الإلحاد سبا للقوة والعلم، ويعتبر أن الدين يعني التخلف والجهل.

وقد كشفت مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة الكثير من هذه العلل النفسية، بعد أن
وفرت لهؤلاء الشباب المغرر بهم مساحات كبيرة من الحرية أكثر أمانا للتعبير عن آرائهم ووجهة
نظرهم في رفض الدين، بعيدا عن التابوهات التي تخلقها الأعراف الدينية والاجتماعية. وقد
رصدت هذه المواقع تصريحات لعدد من الشباب الذين أكدوا أنهم لا يعارضون الدين ولكنهم
يرفضون استخدامه كنظام سیاسی، داعين إلى فصل الدين عن الدولة، في حين رفض فريق آخر
منهم الدين أو رفض الإله ككل.

ومن أهم أسباب انتشار ظاهرة الإلحاد الخطاب الديني المتشدد، الذي تصدره التيارات
الإسلامية المتزمتة التي تؤصل لأهم مشكلات التدين في العصر الحديث، وهي إشكالية الصراع
بين الجوهر الروحي والخلقي - الذي يمثل حقيقة الدين - وبين القشرة الشكلية الخارجية التي
تصلح أمارة وعلامة (فقط) على أن هذا الإنسان ينتمي إلى ذلك الدين ويارس تلك الشعائر،
فهذه التيارات لا تعرف سوى التشبث بالأمور الشكلية التي قد تبعد الناس عن الدين.

وقد ظهر من الدراسات والإحصاءات أن الإلحاد في السنوات الأربع الماضية - قد شهد
نشاطا كبيرا، فقد ظهرت عشرات المواقع الإلكترونية على الإنترنت تدعو للإلحاد وتدافع عن
الملحدين

ويتهم علماء الاجتماع والنفس «السياسة» بأنها مسئولة مسئولية مباشرة عن انتشار ظاهرة
الإلحاد في الوطن العربي في الفترة الأخيرة. حيث أصبح من الملاحظ أن البلدان
التي شهدت ما عرف بثورات الربيع العربي هي أكثر الأماكن التي أصيبت بظاهرة الإلحاد،
خاصة في ظل تعثر تلك الثورات التي أجهضت وتم اختطافها بواسطة قوى يمينية أو يسارية أو نظم قديمة فاسدة تظهر في شكل جديد وهوماجعل الشباب يكفرون بقيم الحرية و الكرامة و الإنسانية و إمكانية تغيير مجتمعاتهم إلى الأفضل ، فقد قاموا بالثورات وقدموا شهداءها ثمضاعت جهودهم ومن هنا كفروا بكل شئ وتمردوا على كل شئ
ويشير البعض أن سبب انتشار تلك الظاهرة يرجع بشكل مباشر إلى الحالة العامة التي يعيشها الوطن العربي من انفلات اخلاقي وانتشارالتطرف في المجتمع والذي تسبب في ظهور الكثير من الظواهر الجديدة مثل التطرف التكفيري و الالحاد و كذلك حوادث التحرش والاغتصاب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق