الجمعة، 17 أبريل 2020

كتاب الأب الغني الأب الفقير


قصة الأب الغني و الأب الفقير
يتحدث الكتاب عن قصة شخص بأبوين بعقليتين مختلفتين: الأب الفقير (هو الوالد البيولوجي للمؤلف) و الأب الغني هو بالنسبة للمؤلف الأب الروحي الذي كان يتخذه قدوة له… وهو في الأصل والد لأعز أصدقائه.
الأب الفقير:
يُشَبِّه المؤلف والده الفقير بملايين الآباء الذين يشجعون أبناءهم على التفوق في دراستهم والحصول على عمل جيد في شركة جيدة.
إذ يؤمن الأب الفقير بأن العمل الجاد و توفير المال و عدم الإسراف من المبادئ التقليدية التي يجب الإلتزام بها. و يؤمن كذلك بأن الحصول على عمل جيد في شركة قوية هو ما ينبغي للمرء أن يطمح إليه.
كما أن الأب الفقير يعبر عن خيبة أمله عندما يترك إبنه عمله في شركة كبيرة وذات صيت كبير.
الأب الغني :
يقص المؤلف حكايته حين كان عمره 9 سنوات، حين بدأ يدرك أن أباه الغني كان أكثر منطقية من أبيه الفقير. إذ أنه تعلم من أبيه الغني أن لا يقنع ويقول “لا أستطيع الحصول على هذا الشيء“ وإنما أصبح يفكر بعقلية ” كيف يمكنني الحصول على ذلك الشيء؟”
وأضاف المؤلف أنه في حين كان أبوه الفقير يحمل شهادة الدكتوراه ويستثمر جل وقته و جهده في التعليم إلا أنه لم تكن لديه أي معرفة بالإستثمار في المشاريع، بينما كان أبوه الغني موهوبا جدا في لعبة الإستثمار والنجاح في المشاريع مع أنه لم يكن يملك شهادة عليا.
وقد تجلى موقف أبيه الغني في قوله بأن “الفقر هو أصل كل خطيئة” بينما آمن أبوه الفقير بأن “حب المال هو أساس كل خطيئة”.
الفصل الأول: الأب الغني و الأب الفقير
إبتدأت قصة روبرت كيوساكي و صديقه مايك في هاواي سنة 1956 عندما كان الإثنان في سن التاسعة. وقد كرس الولدان و قتيهما في تعلم فنون الإقتصاد و التمويل من أب مايك أي الأب الغني.
وكان الدرس الأول الذي تعلماه هو تجنب الجري وراء لقمة العيش. وقد تمكن الأب الغني من ترسيخ هذا الدرس لدى الولدان بجعلهما يعملان في إحدى محلاته التجارية لمدة ثلاث ساعات في اليوم و بأجر 10 سنتات فقط للساعة. و في غضون بضعة أسابيع و بعد تعبه من استغلال الأب الغني له، طلب كيوساكي الحصول على زيادة في راتبه. لكن عوضا عن ذلك، قام أب مايك بوقف راتبه و طلب منه العمل بالمجان.
وفي نهاية المطاف تعب الولدان من عدم تقدير الأب الغني لهما  و من الأجرة الزهيدة التي يحصلان عليها، فقاما بالتوجه إلى أب مايك للقائه.
في هذا اللقاء، إعتذر الأب الغني عن الأجرة القليلة التي يعطيها للولدان و خيّرهما بين أن يزيد في راتبهما أو يعلمهما العبرة من هذا الإختبار. فاختار الولدان تعلم الدرس بدلًا من زيادة الراتب، غير أن الأب على العكس من ذلك قام بزيادة الأجرة فبدأ بخمس و عشرين سنتا للساعة، ثم دولار واحد ثم دولاران حتى وصل إلى خمس دولارات للساعة، و هو أجر كبير مقارنة بالأجر الذي يعطى عادة مقابل نفس العمل. لكن الولدان تشبتا باختيارهما بأن يتعلما العبرة من الدرس.
لقد كانت العبرة التي رغب الأب الغني إيصالها للولدين من الدرس هو أنك عندما تفني حياتك في الجري وراء لقمة العيش فإنك بذلك تحصل على مقدار قليل من المال في مقابل أموال مضاعفة يحصل عليها رب العمل من جراء عملك عنده… لذلك حاول أن  تجعل الناس يعملون بجد و كد من أجلك لكي تكسب أنت المال بدلًا من أن تضيع كامل حياتك في العمل من أجل الآخرين.
وقد كان هذا أكبر درس تعله الولدان في حياتهما.
الفصل الثاني:  لا يعمل الأغنياء لجني المال
يخبر المؤلف قراءه بضرورة  نسيان فكرة أن الحياة تُعلّمنا و أننا نستفيد منها، بل يقول بأن ” الشيء الوحيد الذي تفعله بنا الحياة هو أنها تقسو علينا.”
يتحدث هذا الفصل عن الأشخاص الذين يركنون إلى الراحة و يفضلون اللعب بأمان وذلك لأنهم لم يتعلموا في وقت مبكر تحمل المخاطر و الخوض في المجازفات. ويرى المؤلف أن الطبقات الفقيرة و المتوسطة تعمل من أجل المال  كما أن الخوف والجشع يسببان الجهل والفقر  وأن استخدام عواطف المرء أهم من التفكير بهذه العواطف. ويشدد المؤلف أيضا على أن الفرص في الحياة تأتي وتذهب وأن الأغنياء هم وحدهم الذين  يتعرفون عليها على الفور ويحولونها إلى ثروة. فلا يستطيع الآخرون رؤية هذه الفرص لأنهم منشغلون بالعيش في فضائهم الآمن.
الفصل الثالث: لماذا يتم تدريس الثقافة المالية؟
إنك تحتاج إلى الثقافة  المالية لكي تعيش آمنا. ويهدف الدرس التالي إلى تعليم الناس بأن التعامل بذكاء مع أموالهم قبل الحصول عليها أفضل من الإحتراز في إنفاقها بمجرد الحصول عليها. أو بمعنى آخر، لا تحاول بناء ناطحة سحاب أو حتى منزل صغير بدون بناء أساس قوي ومتين أولاً. ووفقا لكيوساكي ، هناك قاعدة واحدة ووحيدة يمكن أن تساعد أي شخص على بناء أساس قوي لتعاملاته المالية ألا و هي  معرفة الفرق بين الأصول والخصوم  والتأكد من التحكم في الأصول. (كيوساكي وليتشتر 56)
و أضاف كيوساكي أن ”الذكاء الفطري قد يساعدك على الحصول على الأموال، لكنك إن لم تتعامل مع المال بذكاء فسيكون ذلك بمثابة رميك للمال في المجاري”.
إنه لمن الضروري أن تعرف الفرق بين الأصول والخصوم. فالفقراء لا يزالون فقراء لأنهم لا يعرفون هذا ولا يطبقون القاعدة التي ذكرت، بل و يقومون بعكسها . فهم يقومون بمراكمة خصومهم و يخسرون بذلك أصولهم حتى تصبح منعدمة، و تصبح ميزانياتهم وبيانات دخلهم في أزمة.
فبحسب المؤلف يجب أن يفهم الناس بأنه ليس كمية الأموال التي يجنونها هي ما يهم بل كمية الأموال التي يذخرونها.
الفصل الرابع: فكر في عملك الخاص
يقدم المؤلف في هذا الفصل ، و بتأن، مفهوم الاستثمار في العقار ويعطي كمثال على ذلك ما قامت به شركة مطاعم ماكدونالدز. فهذه الشركة وبالرغم من أنها  قد لا تقدم أفضل أنواع الهمبرغر في العالم ، لكنها تمتلك  مطاعمها في أحسن التقاطعات و الشوارع  في أمريكا. ويلاحظ المؤلف أن على  الأفراد التفكير في إنشاء مشاريعهم الخاصة إذا كانوا يرغبون في الإستقلال المالي، و أن لا يفكروا في العمل لدى الآخرين فيكونوا بذلك مجرد أجراء لديهم، بل  عليهم السعي دائما إلى أن يكونوا هم رؤساء أعمالهم لا مجرد مرؤوسين.
ويواصل المؤلف نقاشه حول بناء الأصول. فبالنسبة إليه ، تعتبر الأصول كل شيء ذي قيمة كالأسهم والسندات والإعتمادات المتبادلة والعقارات المولدة للدخل وصكوك الدين وعوائد الملكية الفكرية ، إلخ.
ويكشف هذا الفصل أيضًا عن  ما يفضل المؤلف الاستثمار فيه وهي العقارات والأسهم. فبالنسبة إلى العقارات ، يقول بأنه يبدأ بشراء عقار صغير فيقوم ببيعه ثم يشتري عقارا أكبر منه و يؤخر سداد الضرائب المستحقة على مكتسباته منها.
الفصل الخامس: تاريخ الضرائب و نفوذ الشركات
إن ميزة الشركات مقابل الأفراد، حسب المؤلف، تتمثل في كيفية تسديد الشركات للضرائب. فالأفراد يكسبون المال ويدفعون الضرائب على تلك الأموال ثم يعيشون بما تبقى. أما الشركات فتجني المال وتنفق كل ما في وسعها إنقاقه ثم تسدد الضريبة على ما تبقى من الأموال فقط. ويضيف المؤلف أن الأفراد قد لا يكونون على دراية بأنه يتم التلاعب بهم، فهم يعملون من يناير إلى منتصف ماي لإثراء حكوماتهم عن طريق تسديدهم للضرائب عن الدخل، في حين أن الأغنياء لا يكادون يسددون أية ضرائب.
الفصل السادس: يبتكر الغني سبل الحصول على المال
يطور المؤلف في هذا الفصل مفهوم الشك في النفس ويقول بأن كل فرد يولد بموهبة ما ولكن هذه الموهبة يتم قمعها بسبب الشك في النفس والخوف. و يلاحظ المؤلف بأن الذكاء و التعليم  ليسا بالضرورة مفاتيح التقدم بل الجرأة و المغامرة كذلك. ويشدد على أن الناس لا يتقدمون ماليا حتى لو كان لديهم الكثير من المال لأن لديهم فرصا يفشلون في اقتناصها. فمعظمهم يجلسون في انتظار تحقق هذه الفرص بدون أدنى مجهود. ففكرة المؤلف إذن تتجلى في أن الناس هم من يخلقون الحظ و أنه لا ينبغي لهم انتظاره. وينطبق الأمر كذلك على المال.
ويشجع المؤلف الناس على توظيف أشخاص أكثر ذكاءً منهم لأن بالاستفادة من معرفة الآخرين  يستطيعون  بناء  قاعدة معرفتهم الخاصة بهم ، وبالتالي ستكون لديهم قوة أكبر بالمقارنة مع أولئك الذين لا يعرفون.
الفصل السابع: ليكن عملك بهدف التعلم لا جمع المال
هذا هو الفصل الذي يتحدث فيه المؤلف عن المهارات التي يحتاج الأفراد لتطويرها لتحقيق النجاح المالي.
يُعطى القارئ مثالاً على فتاة  شابة حاصلة على درجة الماجستير في الأدب الإنجليزي. أحست هذه الفتاة بالإهانة  عندما اقتُرح عليها أن تتعلم البيع وأن تقوم بالتسويق المباشر. إذ لم تكن تتصور يوما أنها، بعد كل العمل الشاق للحصول على شهادتها ، ستضطر إلى الانحدار إلى أدنى مستوى لكي تتعلم كيف تكون مندوبة مبيعات، وهي مهنة لم تكن تفكر فيها. يستخدم المؤلف هذا المثال للتأكيد على أن هناك مهارات أخرى يحتاج الناس لتنميتها لكي تساعدهم في طريقهم نحو الإستقلال الماذي.
ويذكر المؤلف مهارات الإدارة إذ يقول أن الأفراد بحاجة إلى معرفة كيفية إدارة تدفق النقود والأنظمة والأشخاص وبالخصوص مهارات البيع والتسويق وكذا مهارات التواصل. ويقول أن الناس الذين لديهم ميول قوي نحو العلوم وبالتالي تكون لديهم قوة المعرفة ، يكونون فاشلين بشكل بائس في فنون التواصل. هؤلاء هم الناس الذين تنقصهم مهارة واحدة فقط لتحقيق ثروة كبيرة.
ويلفت الكاتب الانتباه إلى سمة بارزة تميز العائلات الثرية العظيمة، فهم يتبرعون بالمال (و الكثير منه أحيانا) بعكس الفقراء الذين يشعرون أن العمل الخيري يبدأ في المنزل.
الفصل الثامن: التغلب على المعوقات
يرى المؤلف أن خمس سمات في الشخصية تعرقل الناس في المضي قدما وهي: الخوف و السخرية و الكسل و العادات السيئة و الغطرسة. ويوضح أنه من الطبيعي أن يحس المرء بالخوف لكن الأمر المهم هو كيف يتعامل معه. ويشارك المؤلف مشاعره حول ولعه الخاص بولاية تكساس وبسكانها، فهم ” عندما يفوزون ، يفوزون بالكثير وعندما يخسرون ، يعتبرونه أمرا مذهلا“.
ويضيف أنه يسمع باستمرار أشخاصًا يقولون إنهم يريدون أن يكونوا أغنياء ، ولكن عندما يقترح عليهم أن كسب المال يمكن أن يكون من الاستثمار في العقارات ، فإن رد فعلهم الأول يكون برفض الفكرة وبأنهم ” لا يرغبون في إصلاح المراحيض”. ويعتقد المؤلف أنه من سخرية الأقدار أنهم ينشغلون أكثر بالأمور التافهة كإصلاح المراحيض بدلا من المنافع الجمة التي قد تأتي من مجال العقارات. وكنقطة أخيرة ، يشير المؤلف إلى أنه من الصحي أن يكون المرء جشعًا ، لذلك عندما يقف الشخص أمام قرار ما، يجب عليه دائمًا أن يتساءل: “بماذا سأستفيد أنا من هذا الأمر ؟”
الفصل التاسع: البداية
في هذا الفصل يتم تقديم نصائح لإنشاء وبناء الثروة الشخصية.
النصيحة الأولى هي العثور على سبب يفوق الواقع لتحفيزك. بمعنى إيقاظ العبقرية المالية في النفس من خلال تقوية العقل. و أنه يجب أن يكون لدى الناس هدف قوي للعيش.
النصيحة الثانية هي تغذية الذهن. فبتغذية الذهن يكتسب الناس قوة الإختيار.
النصيحة الثالثة هي انتقاء الاصدقاء بعناية وقضاء بعض الوقت مع من يستمتع بالحديث عن المال لأنه قد يكون لديه دروس قيمة لمشاركتها معك. ويعتقد المؤلف أيضا أن على الناس اتقان طريقة ما  ثم بعد ذلك تعلم طرق أخرى جديدة، على الرغم من أنه من المهم اختيار ما يتقنه المرء.
النصيحة الرابعة هي أن تؤدي حق نفسك أولاً حتى ولوكان المال غير كاف. ويترافق هذا مع إدارة ثلاثة أشياء بكفاءة: التدفق النقدي والوقت الذي تقضيه مع الناس والوقت الشخصي.
النصيحة الخامسة هي أن تكون سخيا مع سمسارك لأنه  هو “عيناك وأذناك في السوق”.
ويقترح المؤلف ضرورة وجود الأبطال في حياتنا. إذ لا غنى عنهم لأنهم لا يلهمون فقط ، بل يجعلون الحياة تبدو سهلة للغاية. إن وجودهم يحفز العقل البشري على التفكير بأنه “إذا كان بإمكان  أشخاص عاديين فعل ذلك ، فما الذي سيمنعني من الحصول عليه؟”
الفصل العاشر: لا تزال تريد المزيد؟ إليك بعض المهام
يقدم هذا الفصل للقراء نصائح إضافية لمساعدتهم في الوصول إلى المكافآت المالية. ومن بين النصائح المقدمة نجد التوقف عن أي شيء نفعله إذا لم يعد نافعا . ويشجع المؤلف القراء على البحث عن أفكار جديدة ، والاستفادة من أدمغة الأفراد الذين لديهم الخبرة والذين قاموا بما يطمح إليه أي شخص. كما ينصح بمواصلة التعلم مدى  الحياة ، وأخذ دورات تدريبية  وشراء الأشرطة التعليمية  وكذا حضور الحلقات الدراسية.


كتاب حياة في الإدارة


 كتاب حياة في الإدارة تأليف غازي القصيبي 385 صفحة دار النشر المؤسسة العربية للدراسات و النشر

حياة في الإدارة كتاب فريد في نوعه فهو سيرة ذاتية سلطت الضوء على الجانب الإداري من حياة المؤلف غازي القصيبي سيرته كانت حتى وفاته غنية بالكثير مما يستحق الحديث عنه في هذا الجانب. كتبها صاحبها بنسق روائي متصل، لم يتم تقسيمه لأجزاء بأي طريقة من الطرق، وكأن صاحبها أراد أن يوحي للقارئ بأنها كتبت بجرة قلم واحدة، وبدفقة فكر متصلة، منذ أن خط الحرف الأول وحتى وضع نقطة السطر الأخير.

ابتدأ القصيبي في حياة في الإدارةمن بعد مقدمته، بالحديث عن طفولته، مبررا ذلك بالقول بأن “لا شك أن علاقة الإنسان المعاصر بالإدارة تبدأ مع الطفولة”، ليصف بعد ذلك بسطور تلك المرحلة بقوله “ترعرعت أتأرجح بين قطبين رئيسيين، أولهما أبي رحمه الله، وكان يتسم بالشدة والصرامة، وكان الخروج إلى الشارع محرماً على سبيل المثال، وثانيهما جدتي لأمي رحمها الله، وكانت تتصف بالحنان المفرط والشفقة المتناهية على “الصغير اليتيم”، أستطيع أن أقول أن حصيلة السنوات الخمس الأولى في حياتي كانت وحدة مشوبة بالحزن، وطفولة تنمو تحت عين أب حازم صارم وفي كنف جدة رؤوم حنون، هل تركت هذه الطفولة في عقلي الباطن ميراث وسم بسماته حياتي الإدارية؟ علم هذا عند ربي…. إنني أعتقد أنني نشأت وفي أعماقي إحساس كامن بأن السلطة بلا حزم، تؤدي إلى تسيب خطر، وإن الحزم، بلا رحمة، يؤدي إلى طغيان أشد خطورة”.

وبعد ذلك ينتقل بسيرته إلى مرحلة سنوات الدراسة الأولى، متحدثا عن مسألة الانضباط والالتزام بقوله “كان الطلبة يصطفون في طوابير كل صباح، ويتولى التفتيش على نظافة الأظافر مدرس مختلف كل يوم. من هؤلاء المدرسين من كان تفتيشه شكليا سريعا، ومنهم من كان بحثه دقيقا مستقصيا. منهم من كان يكتفي بلفت النظر، ومنهم من كان يستخدم مسطرة غليظة تهوى على الأظافر القذرة. وكان من بين المدرسين مدرس لا يكتفي بالنظر إلى الأظافر بل كان يسأل كل واحد منا إذا كان قد استحم ذلك الصباح. إذا أجاب الطالب بالإيجاب نجا من العقاب وإذا ذكر الحقيقة، والحقيقة هي أن أنظفنا لم يكن يستحم سوى مرة واحدة في الأسبوع هوت المسطرة على الأصابع… كان المدرس يصدق من يزعم أنه استحم ولو كانت كل الشواهد تكذب هذا الزعم، أعتقد أنه كان يستهدف تشجيعنا على النظافة والصدق إلا أن كل ما فعله هو إغراؤنا بالكذب”.

ثم ينتقل المؤلف بعد ذلك للحديث عن العلاقة الأكثر شيوعا ما بين كل رئيس ومرؤوسيه في عالمنا العربي، مستذكرا نموذجا أوليا لهذه العلاقة من أيام دراسته الأولى حيث كتب يقول “كان المدير أيامها يمثل جانب العقاب، وهذا الجانب وحده. كان إرسال طالب إلى المدير يعني بصفة تلقائية، أن ترتفع الخيزرانة وتهوي على يد الطالب مرتين على الأقل، وعشر مرات على الأكثر. لم أسمع بحالة واحدة ذهب فيها طالب إلى المدير ليسمع ثناء أو يتلقى جائزة. كانت العلاقة بين الطلاب والمدير قائمة على الخوف، ولا شيء غير الخوف”.

بعد ذلك بصفحات يتناول المؤلف الآفة الإدارية الأكبر في دول العالم الثالث، والتي هي آفة البيروقراطية حيث كتب ينتقدها “لم يقتصر الأمر على البيروقراطية الجامعية، فقد كانت هناك بيروقراطية أضخم، بيروقراطية الحكومة. كان تجديد الإقامة يتطلب زيارة دولية إلى مبني المجمع الحكومي في ميدان التحرير. كانت الطوابير لا تنتهي، وأوراق الدمغة لا تنتهي، والتوقيعات لا تنتهي. كان المحظوظ منا هو الذي يستطيع إنهاء معاملته في يومين أو ثلاثة، ولم يكن أحد يستطيع إنهاءها بهذه السرعة إلا بواسطات مع عدد من الموظفين”. وأردف بعد ذلك بسطور ليتحدث عن الآفة الإدارية اللصيقة بالبيروقراطية، آفة الرشوة مستذكرا حادثة جرت معه قائلا “فوجئت بموظف في قسم الشرطة يطرق باب الشقة ويخبرني أن علي مراجعة القسم، يوميا لمدة شهر كامل للتأكد من عدم إصابتي بمرض معد. كنت أظن أنه يمزح، إلا أنه أخرج مرسوما من العهد الخديوي، يتضمن هذا الإجراء ولا يزال ساري المفعول. قلت له أني لا أستطيع، والامتحان على الأبواب، أن أقوم بهذه الزيارة اليومية. وكان الحل في الجنيه الذي تسلمه الموظف وذهب. بقي المرسوم الخديوي بلا تطبيق، وتعلم الطالب اليافع تقديم الرشاوي (آسف! الإكراميات!)”.

وكذلك لم يفت القصيبي في هذه السيرة الممتدة أن يكتب عن الخصلة الأهم لكل إداري ناجح، والتي هي حفظ الوقت والالتزام بالمواعيد، فكتب “إنني اعتقد أن الذين لا يستطيعون التقيد بالمواعيد لا يستطيعون تنظيم حياتهم على نحو يجعلهم منتجين بحد عال من الكفاءة. ذات يوم، وكنت وزير الصناعة والكهرباء، رشح لي بعض الأصدقاء رجلا قالوا إنه يصلح لمنصب وكيل الوزارة الذي كان شاغرا وقتها. حددت موعدا لمقابلته في منزلي، وجاء بعد الموعد بأكثر من ساعة دون أن يعتذر عن التأخير. إذا كان هذا تعامله مع الوزير فكيف سيتعامل مع المراجعين؟ غني عن الذكر أن المرشح لم يصبح وكيل وزارة، حتى هذه اللحظة”.

وتناول المؤلف في موقع آخر من الكتاب أهمية إلمام الإداري الناجح بجميع المعلومات المتعلقة بالمشروع الذي بين يديه، فاسترجع حادثة جرت مع أبيه والملك عبد العزيز، بقوله” إذا كان لابد من تحديد مسئول حقيقي عن التورط _ في حرب اليمن _ فان المسئولية تقع على نقص المعلومات. لم يكن عبد الناصر أو أحد من الذين كانوا حوله يعرف شيئا عن اليمن، تاريخيا وشعبا وجغرافيا وتقاليد وعادات… قارن هذا الموقف بموقف الملك عبد العزيز خلال الحرب السعودية /اليمنية من اليمن نفسها… حيث أمر بوقف قواته المتقدمة في اليمن ثم أمر بسحبها. استغرب أبي هذا الموقف وأبدى استغرابه أمام الملك عدة مرات، في النهاية استدعاه الملك وقال له وهما على انفراد : يا عبد الرحمن أنت لا تعرف شيئا عن اليمن، هذه بلاد جبلية قبلية لا يستطيع أحد السيطرة عليها، كل من حاول عبر التاريخ فشل… لا أريد أن أتورط في اليمن وأورط معي شعبي”.

كانت هذه نماذج بسيطة من الكثير الذي ورد في هذه السيرة الشيقة للراحل المبدع الدكتور غازي القصيبي، وهي التي لا تزال تشتمل على العديد مما هو جدير بالقراءة والتأمل، مما ساهم، هو وتلك الشخصية السياسية الساحرة والجاذبية والجدلية الإعلامية التي أحاطت بهذا المبدع العربي طوال حياته، ومن بعد مماته، في جعل “حياة في الإدارة” واحدا من الكتب العربية الأكثر شهرة.


أقوم قيلا

اهلا وسهلا جميعا ، 
ملخص كتاب اليوم أقوم قيلا للكاتب سلطان موسى الموسى يتضمن الكتاب ٢٢٣
 صفحة نشر في مركز خدمات المؤلفين وطبعت الطبعة الاولى ٢٠١٤ م 
حرص الكاتب في كتابه بأن يعتمد على  أكثر الاقوال استقامة وهو قول الله عز وجل وذلك في رحلة عقلية تأخذ القارئ الى عالم التدبروالتفكر والتأمل في كثير من أمور وخبايا القران الكريم ، حيث يبحر الكاتب مع القارئ في ١١ فصلا مختلفا حول ابرز النظريات الإلحاديةوالوجودية وكشف الغطاء الديني عن بعض الظواهر الخارقة ، وكما يقف الكاتب مع ابرز الديانات الاخرى لكشف اسرارها 
بأسلوب عصري ومختلف 

كما حرص الكاتب عموما في جميع مؤلفاته وبالتحديد أقوم قيلا أن يجيب على التساؤلات الفلسفية التي قد يطرحها المسلم سرا بينه وبيننفسه حول الخالق والشيطان والقران 
وقد جاء في الفصل الاول من الكتاب "حقيقة وجود الاله " أن حاجه الانسان لوجود اله يعبده هي غريزة فطرية وضعها الله داخل البشر وقدوسعت البشرية لتلبية ذلك النداء الذي يبعث فالنفس شعوره بحاجة لها لتقديس شيء ما وقد ظلت هذه الغريزة تصدره أصوات النداء للعبادةللتقديس عبر التاريخ ، وهذه المرحلة تتطلب بحث والبحث عبر القران الكريم عن قصص الصالحين والأنبياء وعلاقتهم بالآلهة والدين والعبادة ،كما وضع لنا الكاتب قراءة في شخصية ابليس في الفصل الثاني من الكتاب لتتدفق معه الكثير من التساؤلات على سبيل المثال لماذا اللهخلق ابليس  وهو يعلم بأنه سيعصيه ؟ فكرة التوازن وخلق النقائض هي الجواب بيساطة وبحسب ماكتب الكاتب بالطبع ، تبقى المسألة عنجنة ادم محطا للخلاف والنقاش بين العلماء في تحديد ماهيتها إلا ان ماهية ابليس نفسه تقتضي النقاش فهو شخصية الشر ودورها عندمااستطاع الانسان ان يميز الشر والخير لبين بذلك بمسؤولية خلاف الأرض وعبادة الله  .       بعدها فسر الكاتب الكثير من الآيات الغيرمفهومة في سورة النساء التي كانت غير معروفه لاغلب الناس وذلك عن طريق سرده لقصة زميلته المسيحية وحيث لفتني في هذا الفصلبوجود رابط مشترك بين
 الزميلة المسيحية و سلطان المسلم بانهم جميعهم متعطشون لمعرفة الكثير والاكثر عن كتاب القران الكريم وفهم الدين الاسلامي الذي لا يمكن تطابقه مع اي دين اخر . 
وفي الفصول الاخيرة من الكاتب وضع لنا الكاتب بعض الاسئلة عن عجائب القران وناقش اجابتها بشكل احترافي يجعلك تستشعر عظمةالقران دائما وكما وضح العديد من الحقائق والظواهر الطبيعية الخارقة التي تدل على عظمته وقدرته التي ليس لها حدود

كتاب أنا تتحدث عن نفسها

كتاب أنا تتحدث عن نفسها 
تأليف عمرو شريف دار النشر مكتبة الشروق الدولية ٤٠٠ صفحة 
يبدأ المؤلف كتابه بمقولة من عرف نفسه عرف ربه 

ويرى الشراح لهذا القول معاني شتى، منها أن الأمور تعرف بأضدادها. فمن عرف ضعف
نفسه عرف ربه بقوته، ومن عرف جر نفسه عرف ربه بقدرته، ومن عرف فقر نفسه عرف

به بغناء، ومن عرف جهل نفسه عرف ربه بعلمه... ومن ثم، إذا عرفنا أنفسنا بكل ما فيها من
نقائص ومحدودية، عرفنا بعض ما عليه ربنا من کالات وإطلاق. وفي ذلك يقول ابن عطاء
الله السكندري في حكمه: تحقق بأوصافك يدك بأوصافه، وتحقق بذلك يمدك بعزته، وتحقق
بعجزك يك بقدرته، وتحقق بضعفك يمدك بحوله وقوته.

قد يبدو الكتاب من النظرة الأولى غير متناسق، فهو يحوی موضوعات شتی تا
بين البيولوجيا، والفيزياء والكيمياء، والطب، وعلم النفس، والطب النفسي، والفلسفة
والأنثروبولوجيا (علم الإنسان، والدين. ولكن أليست الى «أنا» على هذا التباين، بل أشد. ان
الخيط الذي ينتظم هذه اللآلئ التي انتقيتها لك هو «الذات الإنسانية».

وينقسم الكتاب إلى ثلاثة أبواب، تضم عشرة فصول. الباب الأول هو «أنا... في العلوم |
الطبيعية، ويشتمل على خمسة فصول: الأول «أنا ... ذات عاقلة»، أتعرض فيه للسات التي
تميز الإنسان ككائن يتفرد بالعقل. والفصل الثاني بعنوان «الوعي يقهر اللاوعی» ويركز على
كيفية برمجة العقل اللاواعي بأفكار سلبية تتحكم في مصائرنا، وإمكانية إعادة البرمجة بأفكار
إيجابية. والفصل الثالث بعنوان «لست روبوتا» وندحض فيه مفهوم الحتمية البيولوجية
الخاطئ، والذي يصورنا ككائنات لا إرادة لها. والفصل الرابع «قوى الإنسان الخفية»، وهو
فصل شديد الأهمية، إذ يتعرض بالأدلة العلمية لأحد أخطر المجالات المسكوت عنها، وهو
مجال طاقات الإنسان الحيوية، مما أدى إلى سوء استغلالها من قبل الدجالين وجامعي الثروة.
ونتعرض في الفصل الخامس «كيف صرت بشرا» لنشأة الإنسان بالية التطور الموجه عن
أسلاف أدنى منه.

والباب الثاني بعنوان «أنا... في العلوم الإنسانية»، ونتناول في الفصل السادس منه
نظرة العقل الإنساني للذات الإنسانية، من خلال طرح آراء بعض الفلاسفة الذين تناولوا
هذا الموضوع، والفصل بعنوان «أنا... في المرآة». وفي الفصل السابع «هكذا بنيت الحضارة
نعرض ملحمة رحلة الإنسان الحضارية، من أطواره البدائية إلى الحضارة المعاصرة. لكن هل
حققت الحضارة الحديثة طموحات الإنسان؟ وهل حقق من خلالها ذاته الحقيقية؟ أم أن المسار
الحضاري قد انحرف به عن فطرته، وهذا ما سنعرضه في الفصل الثامن بعنوان «جعلوني
مسځا مشوها».

بعد هذه الجولة مع نظرة العلوم المختلفة للذات الإنسانية، يأتي أوان الكلمة النهائية التي
تنظر إلى الإنسان باعتباره کلا واحدا متكاملا، ولا يكون ذلك إلا لخالق الإنسان، الذي لا يعلم
عنه «الظاهر» فحسب، بل يعلم عنه «السر وأخفى»، لذلك جاء الباب الثالث حول «أنا...فی
القرآن الكريم»، وهو من فصلين: الفصل التاسع بعنوان «الذات الإنسانية في القرآن الكريم

ونتناول فيه مكونات الذات الإنسانية كما وردت في القرآن: الجسد - القلب - العقل - النفس -
| الروح. ونختم رحلتنا بالفصل العاشر بعنوان «أنا.. والموت» ونطرح فيه مفهوم الموت بالمنظور
| العلمي والمنظور الديني، وعلاقة الروح بالموت، والفرق بين الموت والوفاة..

ونختم الكتاب بحصاد الرحلة، الذي نقطف فيه ثمارها.

الأربعاء، 15 أبريل 2020

كتاب المخ ذكر أم أنثى


كتاب المخ ذكر أم أنثى
كتاب عمرو شريف و نبيل كامل دار النشر مكتبة الشروق الدولية في 391 صفحة يناقش الكاتبان هل مخ الذكر و الأنثى متماثلان أم متشابهان أم مختلفان
كتاب المخ ذكر أم أنثى كتاب متميز متفرد في المكتبة العربية يناقش موضوع شائق وحساس يثير الكثير من التساؤلات العلمية والاجتماعية والدينية و السياسية لقد نجح المؤلفان في تبسيط أصعب ما خلق الله الا وهو المخ بأسلوب رشيق وفهم عميق ودراسة متأنية وثقافة علمية جادة لذالك تجد في كل صفحة من الكتاب العمق الدارس والجهد والتفاني في التفسير و التحليل و التبسيط
ويعتمد المؤلفان على ثورة الأبحاث العلمية الخاصة بوظائف المخ البشري من خلال الأبحاث الخاصة بتقنيات تصوير المخ وكذلك علوم البيولوجيا الجزئية بالإضافة الى الأبحاث الخاصة بالبيئة وعلوم الاجتماع
 وتدل بداية الكتاب على تمييز وتفرد وتجديد المنهج العلمي حيث يبدأ بتأملات و تساؤلات يعقبها إجابة العلماء وطرح للمفاهيم التي تعتمد عليها الدراسة فيعرض كيف تنشئ الذكورة والأنوثة
ويقوم الكتاب بعد ذلك بدراسة جوانب التشابة و الفروق بين مخ الذكر ومخ الانثى في جميع النواحي التشريحية و الهرمونية و الجزئية ثم يعرض تأثير كل ذلك على الحياة البيولوجية و النفسية كما يتطرق الى الوظائف العقلية المختلفة كالذكاء و الذاكرة وانعكاس كل ذلك على كل من الجنسين واذا كانت نساء العالم تطالبن بالمساواة مع الرجال و لهن الحق في ذلك فأن قراءة هذا الكتاب تبين لهن المساواة ليس من صالحهن لا لأنهم يتميزن بالتفوق على الرجال في النواحي البيولوجية و النفسية و الاجتماعية بل لأن ببساطة لا يمكن ييولوجيا مقارنة بنية ووظيفة مخ الذكر بالأنثى مازال المخ البشري لحد الان يحير العلماء و رغم تقدم العلمي الرهيب مازال الكثير من خباياه مجهولة اذ كان العلماء قد استطاعوا التعرف التعرف على مكونات المخ تشريحيا ووظيفيا مما مكنهم من علاج الكثير من أمراضه فأنهم في بحثهم عن العقل الذى هو جوهر المخ اكتشفوا أنهم ما زالوا أمام لغز كبير .
وولأجابة عن السؤال حول ماهية العقل نقول أن العقل هو الوظيفة العليا في المخ و تضم العاطفة و التفكير و السلوك وقد كان العقل دائما محل خلاف على مر العصور، فقد وضعه الفلاسفة في أماكن مختلفة في الجسم، فقال أفلاطون
أن العقل يقع في المخ، وجاء أرسطو ليقول أنه موجود في القلب. وأخيرا عرفنا
أن العقل موجود في المخ.

وفي السنوات الأخيرة، نشطت الأبحاث العلمية التي تريد التعرف على
العقل بصورة أعمق. وذلك من أجل الوصول إلى حقيقة الذكاء والوعي
والذاكرة واللغة واتخاذ القرار والانفعال. لقد كان يظن أن أماكن هذه الوظائف
محددة وثابتة في المخ، ثم أثبتت الأبحاث الحديثة أنها نشاطات وظيفية، ليست
محددة في مكان ثابت.

هناك كم كبير من الاتصالات شديدة التعقيد، تتم بين خلايا المخ وبين
مراكزه المختلفة لأداء وظيفة واحدة مثل الذاكرة، التي تتطلب تشغيل آلاف
من الخلايا العصبية في وقت واحد، وبأسلوب منظم، خلايا تحتل أماكن كثيرة
بخلاف الأماكن التشريحية التقليدية المعروفة سابقا.

ومن دراسات العلماء الجادة لمعرفة حقيقة العقل، أبحاثهم حول الوعي. لقد
وجدوا أن الوعى يعتمد أساسا على نشاط التكوين الشبكي، الذي هو مجموعة
من الخلايا العصبية الموجودة في جذع المخ، والتي تحافظ على النشاط الدائم لقشرة
المخ، حتى أن بعض العلماء يرون أن الروح موجودة في هذا التكوين الشبكي!
ويبقى الإنسان واعيا ومستيقظا ما دام هذا التكوين الشبكي يقوم بتنشيط القشرة
المخية، وينام الإنسان فور توقف عمل هذا التكوين

وإذا كان المعتقد سابقا أن تشریح مخ المرأة يشبه تقريبا تشریح مخ الرجل،
مع فارق بسيط في الحجم لصالح مخ الرجل، يرجع إلى
صغر الجمجمة عند المرأة، فإنه لا توجد علاقة مباشرة بين حجم المخ ونسبة الذكاء. فالفيل مثلا
يملك ما أكبر من الإنسان ولكنه ليس أذكى منه. وعندما تم تشریح مخ أينشتين
بعد وفاته، لم يجد العلماء أي فرق بينه وبين مخ أي متخلف عقلى. إن الاختلاف
هو في طريقة أداء الخلية العصبية في المخ لوظائفها.

لو أكملنا رحلتنا الخيالية مع العقل وسألنا: هل نستغل قدراتنا العقلية بنسة
۱۰۰ ٪ أم أقل من ذلك بكثير؟ وللإجابة نقول: إنه إذا كنا لا نعلم بالتحديد
ما هي طاقات المخ البشري، فلا شك أن الإنسان لا يستغل إلا قدرا ضئيلا من
إمكاناته العقلية. ولا أحد يعرف بالضبط - حتى الآن - ماذا يحدث لو استطعنا
استخدام قدر أكبر من قدرات المخ، ربا ينتج عن ذلك تداخل في الوظائف.

ولا شك كذلك أنه يمكن تحسين أداء العقل البشري عن طريق التدريب.
فالذاكرة مثل المكتبة، يمكن تحسين الخدمة بها عن طريق العناية بترتيبها، وليس
بالضرورة زيادة سعتها

وفي مجال البحث عن اختلاف عمل مخ الرجل عن مخ المرأة، أجريت
عدة أبحاث تم فيها تصوير نصفي المخ لدى مجموعات من الرجال والنساء أثناء
عملهم، حتى تكتمل الصورة وظيفيا كا اكتملت تشريحيا..

ومنذ ما يقرب من عشر سنوات، توصل العلماء والباحثون إلى وجود
اختلافات بسيطة في التشريح بين مخ الرجل ومخ المرأة. ولكن لزمت هذه
الأبحاث الصمت تجاه الإجابة عن مدى تأثير هذه الاختلافات على عمليات
التفكير عند كل من الجنسين.


ثم بفضل التطور الذي طرأ على أجهزة تصوير المخ استطاع العلماء التعرف
على طريقة عمل المخ عند كل من الرجال والنساء، لقد أصبح بالإمكان مراقبة
عمل المخ خلال عمليات التفكير والإحساس والتذكر، لأول مرة في تاريخ
البشرية. كذلك توصل العلماء هذا العام إلى إثبات أن هناك اختلافا في الشحنات
العصبية الكهربائية الصادرة عن مخ كل الجنسين، سواء عند ممارسة النشاطات
العقلية كالقراءة أو في حالة الاسترخاء. .

لقد ثبت أن هناك انفصالا بين مشاعر الرجل ومنطقة. بمعنى أن الرجل
عندما يحب يحب بلا منطق وعندما يمنطق الأمور فإنه يمنطقها بلا عاطفة. في
حين أن المرأة تمنطق الأحداث بعاطفية، وفي قمة عواطفها لا تتخلى عن المنطق.

وإذا كانت المرأة أكثر استعدادا للإصابة بالاكتئاب، وكنا نرجع ذلك إلى
الظروف الاجتماعية التي تحيط بها، فقد تبين من الاكتشافات الحديثة أن المرأة
عندما تتسلط عليها الأفكار الحزينة تبذل جهدا عقليا أكثر مما تبذله عند حل أعقد
معادلات الرياضة الحديثة.

وهذا لا يعني أن المرأة نكدية. إن المرأة مثل الرجل قد تكتأب عند التعرض
للإجهاد أو الشدة، ولكن بعض النساء - والنسبة ليست كبيرة - يتعرضن
اللاكتئاب قبل الدورة الشهرية وبعد الولادة. كما تعاني المرأة من الاكتئاب عند
الوصول إلى ما يسمى سن اليأس، وهي تسمية خاطئة. فالقرآن الكريم ذکر «يأس
المحيض، والمقصود به اليأس من الإنجاب فقط. لا شك أن بعض السيدات
يتصورن أن انقطاع الطمث هو نهاية لحياتهن الأنثوية، إن ذلك حصيلة لسنوات
أهدرت فيها حقوق المرأة، عندما كانت وظيفتها في المجتمع هي الإنجاب. لقد
تغير الوضع تماما خلال المائة سنة الأخيرة، وأصبح للمرأة كل الحقوق وأصبحت هذه المرحلة هي قمة النضوج الفكري والعاطفى والجنسىدون خوف
والإنجاب.

و أخيرا نقول: لا جدوى من الهروب. فنحن على أبواب عصر
يحمل ملامح مختلفة تماما للمرأة، بعد أن وضعتنا الأبحاث العلمية الحد
معلومات مغايرة لكل ما عرفناه عن النساء. فالأنثى الضعيفة.. الملك
الباحثة عن الحماية .. صورة قد تدخل قريبا أرشيف الذكريات.

لا جدوى من الهروب. المرأة قوية جسديا، والأرقام القياسية التي تحققها
أثناء الدورات الأوليمبية تزداد بمعدل أسرع من الرجل، بل تكاد تقترب من
الأرقام القياسية له.

المرأة قادرة على تحمل الضغوط النفسية والعصبية، المرأة لا تعرف الضعف، فهي تملك من الثبات والقوة ما يسمح لها بارتكاب أصعب الجرائم وأكثرها وحشية، والإحصائيات تقول: عدد النساء القاتلات في
تزايد ملحوظ.
الا جدوى من الهروب. المرأة تغيرت.. جسديا.. ونفسيا.. والأخطر، عقليا
بعد أن أكدت الأبحاث الأخيرة أن عقل المرأة مختلف عن عقل الرجل.

إن التحدي الحقيقي الذي يواجهه إنسان هذا العصر لیس اکتشاف
مجهولة.. ولا أقارا غامضة تجوب الفضاء الفسيح.. ولكن اكتشاف ده
الإنسان الخفية وأخطرها العقل،.

إن كتاب «المخ ذكر أم أنثى» رحلة في أشد العوالم غموضا، ألا وهو المخ. وفي
أثناء إبحارنا مع المخ تتجلى عظمة الخالق.

وأنصح كل مثقف وكل من يريد زيادة إيمانه، بل وأنصح الأطباء أنفسهم
بالاطلاع على دسامة العلم، وعمق الإيمان في هذا الكتاب الفريد المتميز.