الخميس، 4 يونيو 2020

التخلف الاجتماعي - مصطفى حجازي

تفشي ظاهرة التخلف وافتقار المجتمع لعلم نفس خاص بهم هي علاقة عكسية يستوعبها القارئ في بحث التخلف الاجتماعي "مدخل ألى سيكولوجية الانسان المقهور  للكاتب مصطفى حجازي , يتضمن الكتاب 256 صفحة نشر في المركز الثقافي العربي وطبعت الطبعة الاولى عام 1981م , يقدم الكاتب في البحث عن أصول وجذور التخلف في المجتمعات العريبة تحديدا , فقسم كتابه إلى فصلين الفصل الاول يتحدث عن الملامح النفسية لوجود التخلف فحدد وعرف نظريات التخلف كل من الطريقة السطحية في دراسة التخلف والتي تعرف المجتمعات المختلفة بأنها الاقل من غيرها في تأمين الحاجات الحيوية مثل الغذاء والمسكن والتعليم وأحيانا يقيسونها بدخل الفرد .كما سرد لنا نظرية التخلف في الطريقة الاجتماعية والاقتصادية أما الطريقة النفسانية فانتج لنا هذا الكتاب لبيحر في البحث عنه فبدأ بالخصائص النفسية للتخلف وعلاقة القهر والتلسط التي تنتج مراحل التخلف بدأ من مرحلة القهر والرضوخ مرورا بمرحلة الاضطهادوصولا لمرحلة التمرد والمجابهة , هذه الوضعية العلائقية ومايتبعها من احساس بالعجز أمام المصير المهدد دوما وانعدام مشاعر الامن تجاه قوى الطبيعة , تؤدي الى بروز مجموعة من العقد تميز حياة الانسان المقهور , اهمها عقدة النقص وعقدة العار مع اضطراب الديمومة واصطباغ التجربة الوجودية بالسوداوية وهذه جميعا تدفع الانسان المقهور وبدورها نحو الاتكالية النكوصية والقدرية الاستسلامية وطغيان الخرافة على التفكير والنظرية الى الوجود .                                 أما مرحلة الاضطهاد فهي تشكل الموقف الاضطهادي من الاخرين والطبيعة وهي مرحلة وسطى بين حالة الرضوخ ومرحلة التمرد والاتنفاض ويتداخل من كل من المرحلتين السابقة والتالية .يصل المجتمع المتخلف في اخر مرحلة " التمرد والمجابهة " الى العنف ,بعد فترة شيوع العلاقات الاضطهادي وهنا يتوجه العنف ضد القوى المسؤولة عن القهر " المستعمر والمتسلط الداخلي " .لابد لأي دراسة نفسانية للتخلف من وقفة هامة عند العقلية التي تحكم بالسلوك وتحدد النظرة الى السكون , الحديث عن العقلية المختلفة يتضمن مرحلتين الاولى رصد الملامح والخصائص الاساسية اما الثانية فهي محاولة بحث الاسباب والقوى المولدة لهذه العقلية التي تعذيها وتعمل على استمرارها , الملامح الذهنية للتخلف متعددة ومتنوعة. قابلة للانتظام في موضوعات أساسية،وأخرى متفرعة عنها تبعا للمنظور الذي يتخذه الباحث. ونحن لا يسعنا أن نكتفي بمجردسرد هذه الملامح وتوضيح كل منها، بل لا بد من تبیان الرابطة بينها، ما أمكن، من خلالتصنيف يبدو لنا أكثر منطقية وواقعية من سواه : هناك من ناحية خصائص ذهنية منهجية ،ومن الناحية الأخرى خصائص ذهنية انفعالية. ترتبط الأولى باضطراب منهجية التفكير،وقصور التفكير الجدلي. أما الثانية فتختص بتبیان تدخل العوامل الذاتية والعقلانية في النظرةإلى الوجود هذه النظرة تختلف في البلدان المتقدمة عنها في البلدان النامية. فبينما الأولىتسير نحو مزيد من التجرد من الانفعال وتنحو نحو الموضوعية، نرى الثانية ما زالت أسيرةالانفعال والذاتية والغيبية، وخصوصا أسيرة نظام القهر (التسلط والرضوخ)، الذي يحكمالوجود المتخلف. على أن تقسيمة كهذا لا يعني انفصالا على مستوى الواقع والممارسة.فالعقلية المتخلفة هي جزء من ظاهرة كلية. هي الوجود المتخلف الذي يتصف بالديناميةوالتماسك الداخلي.  اما الفصل الثاني من الكتاب يستعرض الاساليب الدفاعية , فبتأكيد كيف للانسان المقهور المتخلف العيش مع مأزقة الوجودي الا باساليب اكثر جهلا وتخلفا منه , وضعية الإنسان المتخلف بما تتصف به من قهر ورضوخ مأزقية، تخل بالتوازنالوجودي، وتجعل الحياة غير ممكنة دون حلول. إنها تولد توترة نفسية كبيرة يتجاوز طاقته علىالاحتمال. وهي بالتالي لا توفر الحد الأدنى من الانسجام والتوازن اللذين لا بد منهما کیيستمر في مسيرة الحياة .
كما أن هذه الوضعية بما تتضمنه من اعتباط وقهر تمس القيمة الحميمة للإنسان| المتخلف، قيمته في نظر نفسه وفي نظر الآخرين. ولا يمكن للمرء أن يعيش دون اعتبارذاتي، دون شيء من الاعتداد بالذات، هويتها وانتماءاتها والتزاماتها. إنها تسد السبيل أمامذلك الشعور بالارتياح الأساسي الذي يرافق تحقيق الذات وتوكيدها، لأنها لا تتيح المجالأمام ذلك التحقيق وهذا التوكيد.
ينتج عن اختلال التوازن الوجودي وانعدام تحقيق الذات، حالة مفرطة من التوتروالقلق وانعدام الاعتبار الذاتي. وتبرز الحاجة ماسة إلى حلول لمجابهة هذه الوضعية المأزقية،حلول تعيد بعض التوازن وتؤمن بعض الكبرياء وتجعل الوجود محتملا ومبررا
يمكن أن نقسم هذه الحلول إلى فئتين أساسيتين: الفئة الأولى والأكثر فعالية هي
تغيير الوضعية المأزقية من خلال قلب المعادلة المفروضة على الإنسان المقهور. أيتغيير الأوضاع الخارجية بشكل يتلاءم مع الحاجات الحيوية والأهداف الوجودية
. إن هذه الحلول هي الأضمن على المدى البعيد، وهي وحدها التي تكفل
إلى إنسانية الإنسان المقهورا  كالانكفاء على الذات والهروب الى الماضي والذوبان في الجماعة وايضا الوضعية الاشكالية والتماهي بالمتسلط سواء تماهي باحكام او بعدوان او بقيم المتسلط , كما عرض تأثير السيطرة الخرافية على المصير في المجتمعات العربية المتخلفة كالسيطرة على الحاضر بالجن والعفاريت والحسد والعلاقات العدائبة والسحر وأما السيطرة على المستقبل بالتطير وتأويل الاحلام , وفي قضية كهذه بالطبع الكاتب لن يتجاهل وضعية المرأة في المجتمع المختلف خصص لها فصلا في الاساليب الدفاعية 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق